وهذا الشيء لم يعرفه العالم من قبل أبداً، ولم يستطع الغرب إلى يومنا هذا أن يصدق، ولا أن يهضم -كما يقولون- هذا المبدأ، فمستحيل أن يصدق الغرب أو الشرق، أو يقرون بأن الدماء تتكافأ؛ فضلاً عن أن يسعى بذمتهم أدناهم. فلا يعقل في الغرب أن تكون دية الوزير، أو الأستاذ البروفيسور مثل دية العامل، وكذلك الفنان إذا كان فناناً كبيراً، ولاعب الرياضة الكبير إذا سقط وانكسرت يده فإنه يعوض بعشرة ملايين دولار، وأما إذا كان عاملاً في مطعم وكسرت يده فقد يعوض بألف دولار، أو عشرة آلاف دولار، فإلى الآن لا يستطيع الغرب أبداً وأتباعهم وأذنابهم الذين أخذوا منهم القوانين الوضعية؛ لا يستطيعون أن يستوعبوا أن الناس سواء في القيمة والمقدار، وأن الدماء تتكافأ! فلو قتل رجل غربي وليكن أمريكياً، وقتل الأمريكان القتلة الذين قتلوه ومائة أو ألفاً معه؛ فإنهم لا يشعرون بأنهم تجاوزوا الحد أبداً؛ لأن هذا في نظرهم هو الشيء الذي يجب أن يكون، وأما العكس فلا يمكن أن يقع؛ لأنهم لا يرون أن دماء الناس والبشر تتكافأ. فالذي علم الناس هذه الحقيقة هو محمد صلى الله عليه وسلم بوحي من الله، ولم يجعلها صلى الله عليه وسلم شعاراً، بل جعلها حقيقة معاشة يقر بها كل أحد، ويطمئن إليها كل أحد، وأما أولئك -حتى في نظرياتهم الخيالية- فلم يستطيعوا ذلك، ولا حتى في قوانينهم الوضعية التي يتلاعب بها إذا خالفت الأهواء السياسية، ولا أن يقروا بذلك.